إدمان من نوع آخر.. هل صيام الدوبامين هو الحل؟ 

عندما يُذكر الإدمان، يتبادر إلى الأذهان فورًا الكحول والعقاقير والتدخين، ولكن الواقع لايقتصر على هذه الأمور فقط. فالإدمان السلوكي يمثل أحد عوائق الحياة، حيث يتمثل في الانخراط المتكرر وصعوبة التحكم في أنشطة تعد طبيعية لدى الآخرين، مثل:

الأكل العاطفي، والتسوق، وتصفح وسائل التواصل الاجتماعي، أو ممارسة ألعاب الفيديو بشكل مفرط. هذه السلوكيات قد تصل إلى درجة تدميرية لحياة الشخص إذا استمرت بشكل مفرط وغير منضبط.

في محاولة لمساعدة الأفراد على إدارة هذه السلوكيات الإدمانية التي أثرت سلبًا على حياتهم، طرح الدكتور كاميرون سيباه، وهو طبيب نفسي من كاليفورنيا، تقنية علاجية ضمن العلاج السلوكي المعرفي تُعرف باسم "صيام الدوبامين".

 ما هو صيام الدوبامين؟

يهدف صيام الدوبامين إلى مساعدة الأفراد في التحكم بالسلوكيات الإدمانية عبر الحد من الانخراط الاندفاعي فيها، مما يعزز المرونة السلوكية. لكن نظرًا لسوء تفسير المصطلح، تم تطبيقه بشكل خاطئ وغير مناسب لدى البعض.

وفقًا للدكتور سيباه، يستهدف صيام الدوبامين ستة أنواع من السلوكيات الاندفاعية:

1. الأكل العاطفي أو تناول الطعام بدافع المتعة.

2. الاستخدام المفرط للإنترنت أو الألعاب الرقمية.

3. المقامرة أو التسوق.

4. مشاهدة المواد الإباحية.

5. البحث المستمر عن الإثارة والتجارب الجديدة.

6. تعاطي المخدرات والمواد الإدمانية.

لا يعني صيام الدوبامين الامتناع عن جميع الأنشطة الممتعة، بل يركز فقط على السلوكيات التي تعيق الأداء اليومي أو تتسم بالإدمان. الهدف الأساسي منه ليس التأثير المباشر على الحالة الصحية، بل تقليل العادات الإشكالية واستبدالها بأنشطة تعزز الصحة وتتماشى مع القيم والأهداف الشخصية.

دور الدوبامين في الإدمان السلوكي:

لفهم الإدمان السلوكي، من الضروري التعرف على دور الدوبامين فيه. يعتمد نشوء هذه السلوكيات جزئيًا على نظام التحفيز الدوباميني، حيث يمكن ربط محفز معين باستجابة محددة، مما يؤدي إلى تعزيز السلوك عند تكراره، خاصة عند ارتباطه بالمكافآت.

عند التعرض المتكرر للمحفزات التي تؤدي إلى إفراز الدوبامين، يتشكل ارتباط قوي بين السلوك والمكافأة، مما يدفع الشخص إلى تكرار هذا التصرف بحثًا عن الشعور بالسعادة أو الإثارة. ومع استمرار هذا النمط، قد يصبح التوقف عنه صعبًا، مما يؤدي إلى تأثيرات سلبية على الحياة اليومية.

 كيف يتم تطبيق صيام الدوبامين؟

يعتمد الدكتور سيباه على تقنيتين أساسيتين في تطبيق صيام الدوبامين:

1. التحكم بالمثيرات: يتمثل في تقليل التعرض للمحفزات التي تثير السلوك الإدماني، مثل إزالة الهاتف من الغرفة أو استخدام برامج لحجب المحتوى.

2. التعرّض للمثيرات مع منع الاستجابة: الهدف هنا هو تعريض الشخص للمثيرات دون الانخراط في السلوك الإدماني، بحيث يتم تدريب الدماغ على تقليل الاستجابة التلقائية لها ويركز الشخص على تعديل مواقفه ومشاعره حتى يفقد المثير تأثيره على الروتين اليومي. تُعرف هذه التقنية بـ"التعوّد"، حيث يؤدي إلى إضعاف العلاقة بين السلوك والمكافأة، مما يساعد في استعادة المرونة السلوكية والسيطرة على الإدمان.

فعالية صيام الدوبامين: ماذا تقول الدراسات؟

تشير بعض الدراسات إلى نتائج واعدة لتقنيات العلاج السلوكي المعرفي في تقليل الإدمان. على سبيل المثال:

- أظهرت دراسة أن معظم المشاركين الذين يعانون من اضطراب الألعاب عبر الإنترنت تمكنوا من إدارة أعراضهم بفعالية بعد تطبيق التقنيات المخصصة للإدمان.

- وجدت دراسة أخرى أن التحكم المالي كجزء من العلاج السلوكي المعرفي لإدمان القمار ساهم في تقليل حدة الإدمان والمشكلات النفسية المصاحبة.

ومع ذلك، ليست كل الدراسات تؤكد الفوائد. فقد وجدت دراسة حول تأثيره على فقدان الوزن أن نسبة النجاح بلغت 31.3% فقط، كما أظهرت دراسة أخرى حول استخدامه لمنع الانتكاس بعد إيقاف مضادات الاكتئاب نتائج محدودة، مع عواقب خطيرة أحيانًا.

فيعتمد دليل صيام الدوبامين للدكتور سيباه على التوجيه الذاتي من الشخص لتغيير سلوكياته، مما قد يمثل تحديًا للأشخاص الذين يعانون من إدمان أكثر تعقيدًا، مثل إدمان الأدوية أو المواد التي تتطلب إشرافًا طبيًا. لذلك، من المهم تحقيق توازن بين التدخل الذاتي والتوجيه المهني لضمان تحقيق نتائج فعالة دون آثار سلبية.

ختامًا، إذا طُبق صيام الدوبامين بشكل صحيح دون الإضرار بالصحة البدنية أو النفسية، فقد يكون نهجًا فعالًا في التعامل مع العادات الإشكالية واستعادة السيطرة على السلوكيات التي تضيف قيمة إيجابية لحياة الأفراد. ومع ذلك، لا يزال هناك حاجة إلى دراسات مستقبلية لفهم فعاليته بشكل أعمق وتحديد أفضل الممارسات تطبيقه واستخدامه بشكل آمن ومناسب.

تدقيق ومراجعة:

شوق الزهراني

المصدر:فعالية وhttps://onlinelibrary.wiley.com/doi/epdf/10.1002/lim2.54