الذبحة الصدرية الليلية: خطرٌ يتسلل في هدوء الليل

الذبحة الصدرية الليلية: خطرٌ يتسلل في هدوء الليل

تخيل أن تكون نائمًا في سكون الليل، تحلم بطمأنينة، فإذا بألمٍ حاد يخترق صدرك ويوقظك من نومك العميق، وكأنك بين الحياة والموت.

تُعرف هذه الحالة باسم الذبحة الصدرية الليلية (Nocturnal Angina)، وهي لحظة يتحول فيها النوم من راحة إلى خطر، ومن هدوء إلى حالة طارئة.

الذبحة الصدرية الليلية هي نوبات ألم في الصدر تحدث أثناء النوم، غالبًا نتيجة انخفاض تدفق الدم إلى عضلة القلب خلال فترة الراحة الليلية. وقد توقظ المريض بشكل مفاجئ، وهي غالبًا ما تشير إلى اضطراب في التروية القلبية أو إلى تشنّج في الشرايين التاجية.

الأعراض:

الاستيقاظ المفاجئ من النوم نتيجة ألم ضاغط في الصدر

شعور بالاختناق أو صعوبة في التنفس

تعرق بارد، تسارع في ضربات القلب، أو شعور بالخوف

قد يمتد الألم إلى الذراع، الرقبة، أو الفك

عوامل الخطر:

انخفاض ضغط الدم أثناء النوم

تضيّق الشرايين التاجية

انقطاع النفس أثناء النوم (Sleep Apnea)

زيادة نشاط الجهاز العصبي الودي خلال النوم

تناول أدوية تؤثر على ضغط الدم أو التروية الليلية

التوتر النفسي أو الكوابيس الليلية

عوامل وقائية تقلل من حدة الحالة:

السيطرة على ضغط الدم ومستوى سكر الدم

استخدام مثبطات بيتا أو النترات قبل النوم

الامتناع عن التدخين وتجنّب تناول وجبات ثقيلة في المساء

علاج انقطاع النفس أثناء النوم باستخدام جهاز CPAP

تقليل التوتر وتحسين جودة النوم

الذبحة الصدرية الليلية ليست مجرد عرض عابر، بل قد تشير إلى وجود أمراض قلبية كامنة مثل الذبحة غير المستقرة أو حتى خطر الإصابة باحتشاء عضلة القلب في المستقبل، مما يستدعي تقييمًا دقيقًا وعلاجًا متكاملًا.

الفسيولوجيا المرضية:

تنشأ الذبحة الصدرية الليلية نتيجة انخفاض التروية الدموية إلى عضلة القلب أثناء النوم، وغالبًا ما يُعزى ذلك إلى تشنّج الشرايين التاجية، مما يؤدي إلى تضيق مؤقت يمنع وصول الكمية الكافية من الأكسجين إلى القلب.

يسهم في هذا التشنّج زيادة نشاط الجهاز العصبي الودي خلال مرحلة حركة العين السريعة (REM sleep)، فضلًا عن الضغط الإضافي على القلب عند الاستلقاء واضطرابات التنفس مثل انقطاع النفس النومي.

ويؤدي هذا الاختلال بين حاجة القلب للأكسجين وتوفره (حتى دون بذل مجهود بدني) إلى نشوء الألم القلبي الليلي.

التشخيص:

يبدأ التشخيص بأخذ التاريخ الطبي الكامل للمريض والفحص السريري، حيث يصف المريض عادةً نوبات ألم في الصدر تحدث فجأة أثناء النوم، وقد يصاحبها ضيق في التنفس، تعرّق، أو شعور بالهلع.

تشمل الفحوصات التشخيصية ما يلي:

تخطيط القلب الكهربائي (ECG)

جهاز هولتر (Holter Monitor)

اختبار الجهد القلبي

تصوير الشرايين التاجية

دراسة النوم (Polysomnography)

كما يجب استبعاد الأسباب غير القلبية مثل ارتجاع المريء، القلق، أو مشاكل العضلات والعظام.

العلاج:

أولًا: العلاج الدوائي

النيتراتات (مثل إيزوسوربيد)

حاصرات بيتا ومضادات الكالسيوم

مضادات التجلط (مثل الأسبرين)

الستاتينات

رانولازين (في الحالات المقاومة للعلاج)

ثانيًا: تعديل نمط الحياة

رفع الرأس عند النوم

تجنّب الوجبات الثقيلة في المساء

الإقلاع عن التدخين

ضبط مستويات ضغط الدم، السكر، والكوليسترول

ثالثًا: الإجراءات التداخلية

التوسيع بالبالون وتركيب الدعامة (PCI)

جراحة تحويل مسار الشرايين التاجية (CABG)

رابعًا: معالجة الحالات المصاحبة

علاج انقطاع النفس أثناء النوم باستخدام جهاز CPAP

الذبحة الصدرية الليلية ليست مجرد حالة عرضية، بل تُعد مؤشرًا على وجود خلل خطير في القلب. لذا، يُعد التشخيص المبكر، والتدخّل العلاجي المتكامل، وتبنّي نمط حياة صحي، من العوامل الأساسية التي تُسهم في تحسين جودة حياة المريض، والوقاية من المضاعفات الخطيرة مثل الجلطات القلبية أو الوفاة المفاجئة.

كتابة:

أميرة موسى

آلاء الحماد

سفر الشبيلي

تدقيق ومراجعة: جنى المطيري

What's Your Reaction?

like

dislike

love

funny

angry

sad

wow