الأشواغاندا مفيدة للتوتر والقلق أو النوم؟

مقدمة:
الأشواغاندا: هي عشبة تُستخدم تقليديًا لتقليل التوتر وتعزيز الشعور بالرفاهية. في السنوات الأخيرة، شهدت التقارير حول الفوائد الصحية لعشبة الكرز الشتوي (Withania somnifera)، والمعروفة أيضًا باسم الأشواغاندا زيادة كبيرة، تشمل الأبحاث الحالية العديد من الجوانب المتعلقة بصحة الإنسان، مثل التأثيرات المضادة للقلق، والمهدئة للتوتر، بالإضافة إلى تأثيراتها على النوم.
تأثيرها على القلق والتوتر:
تشير عدة تجارب سريرية إلى أن مستخلصات الأشواغاندا قد تقلل من التوتر والقلق بشكل ملحوظ. في مراجعة منهجية عام 2021، تم تحليل 7 دراسات شملت 491 بالغًا من الهند، يعانون من توتر مرتفع أو اضطراب قلق. تم تقسيم المشاركين إلى مجموعتين: تناولت إحداهما الأشواغاندا (بجرعات بين 240 و1,250 ملغ يوميًا من المستخلص أو 12,000 ملغ من الجذور المجففة) بينما تلقت المجموعة الأخرى دواء وهميًا لمدة 6 إلى 8 أسابيع. أظهرت النتائج أن الأشواغاندا قللت بشكل كبير من مستويات التوتر والقلق، وقللت أيضًا من الأرق والتعب، وخفضت مستويات الكورتيزول في الدم (هرمون الإجهاد)، مقارنة مع الدواء الوهمي.
هنالك أيضًا دراسات صغيرة أحدث نُشرت بعد مراجعة عام 2021 دعمت هذه النتائج أن الأشواغاندا قد تساعد في تقليل التوتر. في إحدى التجارب بفلوريدا، شملت 60 مشاركًا (متوسط العمر 34 عامًا) يعانون من التوتر، تناولوا 225 أو 400 ملغ يوميًا من مستخلص الأشواغاندا (NooGandha) أو دواءً وهميًا لمدة 30 يومًا. أظهرت النتائج أن المشاركين الذين تناولوا الأشواغاندا سجلوا تحسنًا في التوتر، القلق، الاكتئاب، والرغبة الشديدة في الطعام، مقارنة بالمجموعة التي تناولت الدواء الوهمي. كما انخفضت مستويات الكورتيزول في اللعاب لدى المجموعة التي تناولت جرعة 225 ملغ يوميًا.
في دراسة بجامعة كولورادو، تناول 60 طالبًا مستخلص أشواغاندا (Gaia Herbs) أو دواءً وهميًا لمدة 30 يومًا. أبلغ المشاركون الذين تناولوا الأشواغاندا عن تحسن في الرفاهية، بما في ذلك الشعور بالهدوء، زيادة الطاقة، صفاء الذهن، وجودة النوم. على الرغم من أن مستويات التوتر كانت متشابهة في كلا المجموعتين، إلا أن مجموعة الأشواغاندا وصفت التوتر بأنه أكثر قابلية للإدارة مقارنةً بالمجموعة التي تناولت الدواء الوهمي.
تأثيرها على النوم:
كانت الأبحاث محدودة، لكن اشارت بعض الدراسات إلى أن مستخلصات الأشواغاندا قد تساعد في تحسين النوم. في دراسة بالهند، تناول 150 مشاركًا (تتراوح أعمارهم بين 18 و65 عامًا) يعانون من مشكلات في النوم مستخلص أشواغاندا (Shoden) أو دواءً وهميًا لمدة 6 أسابيع. أظهرت النتائج أن 72% من مجموعة الأشواغاندا سجلوا تحسنًا في جودة النوم مقارنة بـ 29% في مجموعة الدواء الوهمي. كما تحسنت كفاءة النوم، ومدة النوم، وسرعة النوم، والاستيقاظ أثناء الليل في مجموعة الأشواغاندا، بالإضافة إلى تحسينات في جودة الحياة العامة.
في دراسة اخرى أُجريت في الهند، تناول 80 مشاركًا يتمتعون بصحة جيدة تتراوح اعمارهم (بين 18 و50 عامًا)، نصفهم يعانون من الأرق، مستخلص أشواغاندا (KSM-66) أو دواءً وهميًا لمدة 8 أسابيع. أظهر المشاركون المصابون بالأرق الذين تناولوا الأشواغاندا تحسنًا في جودة النوم، سرعة النوم، اليقظة العقلية عند الاستيقاظ، وأعراض القلق، مقارنةً بمجموعة الدواء الوهمي. أما المشاركون الذين لا يعانون من الأرق، فأفادوا بتحسن في النوم، ولكن لم يلاحظوا اعراض القلق أو اليقظة العقلية عند الاستيقاظ.
السلامة والأمان:
في الدراسات المذكورة أعلاه وفي العديد من التجارب السريرية الأخرى، تم تحمل الأشواغاندا بشكل جيد من قبل المشاركين عند استخدامها لمدة تصل إلى حوالي 3 أشهر. أظهرت الآثار الجانبية الشائعة الخفيفة وتشمل اضطراب المعدة، البراز الرخو، الغثيان، والنعاس، وكلها آثار خفيفة. ومع ذلك، فإن الدراسات المتعلقة بسلامة استخدام الأشواغاندا لفترات طويلة تمتد لأشهر أو سنوات ما زالت غير متوفرة. يشير هذا النقص إلى الحاجة لإجراء المزيد من الدراسات السريرية الشاملة لتقييم المخاطر والفوائد المحتملة لاستخدام الأشواغاندا لفترات طويلة، يعني ذلك أنه من الأفضل الالتزام بالاستخدام قصير المدى تحت إشراف طبي، مع توخي الحذر بشأن الاستخدام المطوّل حتى تتوفر بيانات أكثر موثوقية.
هناك عدد قليل من التقارير عن آثار جانبية أكثر خطورة مرتبطة باستخدام اشواغاندا، بما في ذلك الآثار الضارة على وظائف الكبد. تضمنت إحدى التقارير المبكرة إصابة شاب ياباني (20 عامًا) بخلل في وظائف الكبد وارتفاع البيليروبين بعد تناول الأشواغاندا مع (أدوية مضادة للقلق). لاحقًا، رُبطت الأشواغاندا بإصابات حادة في الكبد في تقارير أخرى شملت خمس حالات (رجال ونساء تتراوح أعمارهم بين 21 و62 عامًا)، حيث تناولوا مكملات تحتوي على 450-1350 ملغ يوميًا لمدة أسبوع إلى 4 أشهر، وظهرت عليهم أعراض مثل اليرقان، الحكة، الغثيان، والخمول. تحسنت الحالات عند التوقف عن استخدام المكملات، وأحيانًا مع العلاج الطبي. يشير ذلك إلى ضرورة الحذر عند استخدام الأشواغاندا، خاصةً للأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الكبد أو يتناولون أدوية أخرى قد تؤثر على وظائف الكبد.
أيضًا ينصح الخبراء بعدم استخدام الأشواغاندا من قبل الحوامل لأنها قد تزيد من خطر الإجهاض التلقائي، وكذلك من قبل المرضعات. كما قد يؤدي استخدام أشواغاندا أيضًا إلى زيادة مستويات هرمون التستوستيرون، لذلك وفقًا للخبراء، قد لا يكون آمنًا للأشخاص المصابين بسرطان البروستاتا الحساس للهرمونات.
في الختام:
في نهاية المطاف، تُظهر عشبة الأشواغاندا إمكانات واعدة كعلاج طبيعي لتخفيف التوتر والقلق وتحسين النوم، مما يجعلها خيارًا مثيرًا للاهتمام للكثيرين. ومع ذلك، يجب التعامل معها بحذر، واستخدامها استخدامًا مدروسًا وتحت إشراف طبي لتجنب أي مخاطر محتملة خاصة مع وجود تقارير عن آثار جانبية خطيرة محتملة وتأثيرها على وظائف الكبد، كما يُنصح بتجنب استخدامها لفترات طويلة أو من قبل فئات معينة مثل الحوامل والمرضعات أو الأشخاص المصابين بأمراض حساسة للهرمونات.
إعداد: سلطان عواد
تحرير: ربى خنين
المصادر: https://ods.od.nih.gov/factsheets/Ashwagandha-HealthProfessional/
https://pmc.ncbi.nlm.nih.gov/articles/PMC10147008/
What's Your Reaction?






