مناعة في جرعة

مناعة في جرعة

في شتاء عام ١٩١٨، حين كانت المستشفيات مكتظة بالمرضى، والطاقم الطبي يكافحون بلا توقف في مواجهة الإنفلونزا الإسبانية التي اجتاحت العالم، حيث أن الملايين فقدوا حياتهم في أشهر معدودة، دون علاج فعّال يوقف هذا الوباء الفتاك. ولكن وسط الظلام، ظهر بريق أمل جديد. لم يكن العلاج يكمن في ملاحقة الفيروس بعد انتشاره، بل في الوقاية قبل وقوع الكارثة. وهكذا، وُلدت فكرة اللقاحات الموسمية لتصبح الدرع الواقي أمام أعداء غير مرئيين يهددون حياتنا كل عام.

اختراع أول لقاح ضد الإنفلونزا

بعد عقود من الأبحاث والتجارب، شهد العالم عام 1945 إنجازًا تاريخيًا بتطويرأول لقاح للإنفلونزا الموسمية. قاد العالمان توماس فرانسيس الابن وجوناس سالك هذه الثورة الصحية، مستخدمين فيروسات معطلة لتحفيز الجهاز المناعي دون التسبب بالمرض. لقد غيّر هذا الإبتكارقواعد اللعبة، وجعل من الممكن حماية الملايين سنويًا من موجات الإنفلونزا التي تهدد العالم باستمرار.

ما هي اللقاحات الموسمية؟

اللقاحات الموسمية تُعطى في أوقات محددة من العام للوقاية من أمراض موسمية، مثل الإنفلونزا. وهي تعمل على تعزيز المناعة، مما يقلل من انتشار الفيروسات بين الأفراد والمجتمعات.

أهمية اللقاحات الموسمية

1. درع ضد الأمراض: تقلل من احتمالية الإصابة بالأمراض الموسمية وتحدّ من مضاعفاتها.

2. حماية الفئات الأكثر عرضة للخطر: كبار السن، الأطفال، والحوامل.

3. تقليل الضغط على الأنظمة الصحية: من خلال تقليل أعداد المرضى في المستشفيات والعيادات.

4. الحد من انتشار العدوى: تساهم في منع انتشار الفيروسات على نطاق واسع.

5. تقليل معدل الوفيات: عبر خفض الوفيات الناجمة عن الأمراض.

6. التوفير في التكاليف: تخفف العبء المالي على النظام الصحي من خلال الحد من الحاجة إلى العلاج المكثف.

7. تعزيز جودة الحياة: الوقاية من المرض تعني استمرارية العمل والدراسة بلا انقطاع.

8. الثقة في النظام الصحي: تشجع الأفراد على اتباع الإرشادات الصحية، مما يعزز ثقتهم بالنظام الصحي.

9. مكافحة الشائعات الصحية: تساعد التوعية باللقاحات في تصحيح المعلومات المغلوطة المنتشرة.

10. سهولة الوصول: تتوفر اللقاحات في المراكز الصحية والمستشفيات وحملات التطعيم المتنقلة، مما يسهل على الجميع الحصول عليها في الوقت المناسب.

كيف تعمل اللقاحات الموسمية؟

تعتمد اللقاحات على تحفيز جهاز المناعة للتعرف على الفيروسات مبكرًا، مما يمكنه من بناء دفاعاته ضدها دون الحاجة الى الإصابة بالمرض. تحتوي اللقاحات على فيروسات ضعيفة أو معطلة أو أجزاء صغيرة من الفيروسات، مثل البروتينات أو المواد الجينية (mRNA أو DNA) الخاصة بالفيروس.

بمجرد دخول هذه المواد إلى الجسم، يقوم الجهاز المناعي بتكوين أجسام مضادة متخصصة تستهدف هذه الفيروسات. والأهم من ذلك، أن الجسم يكوّن ذاكرة مناعية، مما يعني أنه إذا تعرض الإنسان لاحقًا لنفس الفيروس، فسيكون الجهاز المناعي مستعدًا للتعامل معه بسرعة وكفاءة، مما يمنع حدوث المرض أو يقلل من شدته بشكل كبير.

من يحتاج إلى اللقاحات الموسمية؟

1. الأطفال والمراهقون

•ا لأطفال الصغار لديهم أجهزة مناعية غير مكتملة، مما يجعلهم عرضة للإصابة بالأمراض الموسمية.

• المراهقون، خاصةً طلاب المدارس، يتفاعلون يوميًا مع مجموعات كبيرة، مما يزيد من احتمالية انتقال العدوى.

2. كبار السن

• مع التقدم في العمر، تضعف المناعة الطبيعية للجسم، مما يجعل كبار السن أكثرعرضة للمضاعفات الشديدة.

•  تساعد اللقاحات في تقليل مخاطر المضاعفات الصحية، مثل الالتهاب الرئوي وأمراض الجهاز التنفسي الخطيرة.

3. ذوو الأمراض المزمنة

• المرضى المصابون بأمراض مثل السكري وأمراض القلب وأمراض الجهاز التنفسي يحتاجون إلى حماية إضافية ضد العدوى.

• تحميهم اللقاحات من تفاقم حالتهم الصحية بسبب الأمراض الموسمية.

4. النساء الحوامل

• الحمل يضعف الجهاز المناعي، مما يزيد من خطر الإصابة بالإنفلونزا ومضاعفاتها.

• توفر اللقاحات حماية للأم والجنين، وتقلل من مخاطر الولادة المبكرة أو المضاعفات الأخرى.

5. العاملون في المجال الصحي

• يتعامل الأطباء، والممرضون، والصيادلة بشكل مباشر مع المرضى، مما يعرضهم لخطر الإصابة بالعدوى.

• يساعد التطعيم على بقائهم بصحة جيدة والاستمرار في تقديم الرعاية دون انقطاع.

أشهر اللقاحات الموسمية

1. لقاح الإنفلونزا الموسمية

• يُؤخذ سنويًا لحماية الأفراد من فيروسات الإنفلونزا المتغيرة باستمرار.

• موصى به لجميع الفئات المستهدفة، خاصةً  كبار السن والأطفال والحوامل.

2. لقاح المكورات الرئوية (Pneumococcal Vaccine)

• يحمي من الالتهابات البكتيرية الرئوية، مثل الالتهاب الرئوي.

• موصى به لكبار السن والأشخاص ذوي المناعة الضعيفة.

3.لقاح فيروس الورم الحليمي البشري (HPV)

• يحمي من الأورام المرتبطة بالفيروس، مثل سرطان عنق الرحم.

• موصى به للفتيات والشباب في عمر معين.

4. لقاح الحمى الصفراء

• يُطلب أحيانًا عند السفر إلى بعض الدول لحمايتك من هذه الحمى الفيروسية.

• ضروري للمسافرين إلى المناطق الموبوءة.

5. لقاح التهاب الكبد الفيروسي (Hepatitis B & A)

• يحمي من أمراض الكبد المزمنة الناتجة عن العدوى الفيروسية.

• موصى به للعاملين في المجال الصحي والمسافرين إلى مناطق ذات معدل إصابة مرتفع.

 

الخاتمة:

في عالم يتغير بسرعة وتزداد فيه التحديات الصحية، تمثل اللقاحات الموسمية جدار الحماية الأول ضد العديد من الأمراض الخطيرة. ولا تقتصرأهمية اللقاحات على حماية الفرد فحسب، بل تسهم في حماية المجتمع ككل من انتشار الأوبئة وتحقيق المناعة المجتمعية.

تُظهرالمملكة العربية السعودية التزامها العميق بصحة المواطنين والمقيمين من خلال توفير اللقاحات الموسمية بشكل مستمر، إلى جانب جهود التوعية والتعاون مع المنظمات الصحية العالمية.

من خلال وعي الأفراد وإدراكهم لأهمية اللقاحات، يمكن للجميع المساهمة في بناء مستقبل أكثر أمانًا وصحة. إن اتخاذ خطوة بسيطة، مثل تلقي اللقاح، يمثل استثمارًا طويل الأمد في صحتك وصحة من حولك.علينا جميعًا أن نكون جزءًا من هذا الجهد الجماعي لضمان سلامة مجتمعنا اليوم وغدًا.

 

 

●      بقلم:

◄    ريم العتيبي

◄   طلال العثمان

◄   رهف الشهراني

◄   مشعل القحطاني

◄   لمى بادغيش

◄   عروب الحربي

 

تدقيق و مراجعة:

جنى عبدالله المطيري

 

 

 

 

      Sources and References:

 

  1. https://www.mayoclinic.org/ar/diseases-conditions/history-disease-outbreaks-vaccine-timeline/flu.
  2. https://www.who.int/news-room/feature-stories/detail/how-do-vaccines-work .
  3. https://www.who.int/ar/news-room/questions-and-answers/item/vaccines-and-immunization-what-is-vaccination

 

 

What's Your Reaction?

like

dislike

love

funny

angry

sad

wow