أثر القرآن الكريم على الدماغ والذكاء والراحة النفسية

حين يشتد الزحام في يومك، وتضيق الساعات أمامك، قد تظن أن الوقت لا يتسع لشيء… لكنّ بعض من عرفوا سرّ القرآن، اختاروا أن يلوذوا به في لحظات العجلة، لا رغمًا عنها، بل ثقةً بأن بركته تسبق التقدير، وتسبق التوقيت.
يقول أحد علماء السلف الصالح: “إذا ضاق عليّ الوقت في إنجاز أمرٍ ما، فإني ألجأ إلى قراءة القرآن رغم ضيق الوقت، فيبارك لي العظيم في وقتي، فأتمّ عملي بعد ذلك.”
في زحمة الحياة، نركض خلف مهام لا تنتهي، ونعطي وقتنا الثمين لكل شيء إلا لشيء واحد… ذاك الذي إذا أعطيته دقائق من يومك، منحك صفاءً، سكينةً، وفهمًا جديدًا لما تظنه صعبًا أو مؤجلاً.
ليس غريبًا أن نشتكي من قلقٍ دائم أو تشويشٍ لا نفهم مصدره، ونحن نغفل عن مصدر الطمأنينة الحقيقي.
ربما آن الأوان أن نعيد ترتيب أولوياتنا، لا بشيء معقد، بل بخطوة بسيطة: أن نسمح للقرآن أن يكون جزءًا من يومنا، ليمنحنا راحة وسكينة وسط ضجيج الحياة.
القرآن ليس كتابًا نلجأ إليه في الأزمات فحسب، بل هو دليل يومي يعيد تشكيل وعينا، يرمم مشاعرنا، ويوقظ داخلنا ما أطفأته الأيام.
فهل نمنحه حقه؟ وهل نمنح أنفسنا حقّ الطمأنينة به؟
أثر القرآن على الدماغ
تشير الدراسات العصبية إلى أن الاستماع إلى القرآن الكريم يفعّل مناطق في الدماغ ترتبط بالراحة والانتباه والتركيز.
وعند تلاوة القرآن بصوت معتدل وإيقاع متزن، يزداد نشاط موجات “ألفا” في الدماغ، وهي الموجات المرتبطة بالاسترخاء والتوازن الذهني.
وأظهرت فحوصات مثل التصوير بالرنين المغناطيسي أن التفاعل مع القرآن يقلل من نشاط مراكز القلق والتوتر في الدماغ، مما يسهم في الاستقرار العقلي والنفسي.
القرآن وتنمية الذكاء
لم أُعرف شخصًا تعاهد القرآن حفظًا وتلاوةً وحضورًا في حلقاته، إلا وبارك الله له في وقته وأعماله، وكان مميزًا في كل جوانب حياته.
القرآن يدعو للتأمل والتفكر والسؤال، وهي أدوات أساسية في تنمية الذكاء العقلي والمنطقي.
كما أن حفظه ومراجعته تقوّي الذاكرة، وتزيد القدرة على التركيز والانتباه.
الأطفال الذين ينشأون في بيئة قرآنية، يظهر عليهم تحسن في الفهم والتحليل اللغوي، مما ينعكس إيجابيًا على تحصيلهم الدراسي وقدراتهم الذهنية.
القرآن وإعادة برمجة العقل الباطن
القرآن لا يخاطب العقل الواعي فقط، بل يخترق العقل الباطن أيضًا، حيث تتخزن المشاعر والمعتقدات العميقة.
عند تكرار آيات تتحدث عن الرحمة أو الرزق أو الصبر فإن ذلك يغرس في النفس الطمأنينة بدل الخوف، ويعيد تشكيل الصور الذهنية السلبية، ويبرمج النفس على الإيجابية والتفاؤل.
فالقرآن يصبح علاجًا صامتًا يتغلغل في أعماق النفس ويعيد ضبط نظرتها للحياة.
القرآن كعلاج نفسي وروحي
القرآن الكريم يحمل رسائل طمأنينة وتثبيت، كما في قوله تعالى: ﴿ألا بذكر الله تطمئن القلوب﴾
القراءة اليومية أو الاستماع للقرآن يقلل من مشاعر القلق والاكتئاب، ويخفف الوحدة، ويعزز الأمل في النفس.
كما أن آيات الرحمة والتوبة والعفو تمدّ الإنسان بالقوة، وتساعده على التعامل الصحي مع مشاعره.
لذا، تُستخدم آيات القرآن في العديد من برامج العلاج النفسي الإسلامي كوسيلة فعالة لإعادة التوازن النفسي والروحي.
بقلم: إلياس الأحمري، رهف الشهراني
تدقيق ومراجعة: مهند الحارثي
What's Your Reaction?






